الأربعاء، مارس 7

لِمَاذَا السَّفَرْ ..؟(شعر عبد الرحمن ناصر حسين)

(1)
وَقَالَ الأَبُ مُرتَدِيَاً عِبَاءَتَهُ الصوفِيَّةُ:

يا ابنَتِي . .

لِماذا السَّفَرْ ..؟!

هُنَا التُّرَابُ الأُرجُوانِيُّ اللونْ . .

هنا دَمعُ السَّمَاءِ ,

هُنا المَطَرْ . .

هُنَا

أهزُوجَةُ عِطرٍ

أغنِيَةٌ بِلونِ الدَّمْ

تَاريخٌ في مَصَبِّ النَّهَرْ

وَقَالَتْ:

يا أبِيْ

هُناكْ

تركتُ دُميَتِيْ ..

رِفَاقِي الصِّغَارَ

وَدَمعَتِيْ

ولَحنٌ حَزِينٌ تُرَتِّلُهُ النَّبيةُ

أمِّي ..

هُنَاكْ

نَجَوتُ مِنْ صَليبِي ..

هُناك

صِرتُ قِدِّيسةً مُقَنَّعَه

(2)

وَقَالَ:

(وَدَمعَةٌ فِي سُهُولِ خَدِّهِ):

هُنَا ..

يكونُ الوَلِيدُ لأُمِّهِ

هُنَا

تَصعَدُ الصَّلَوَاتْ ..

نَقِيَّةً

هُنَا

تَصنَعُ التاريخَ ..

دُميَتَكِ

وَرديَّةُ اللونْ

ـ يا وَالِدِيْ

يا نَسَمَةَ الرَّبِيعْ

يَا شَمعَتِي الرَّاقِصَه

لا بُدَّ ..

ـ لماذَا؟!

ـ أمي هُنَاكْ ..

ـ هُناكَ الزَّيفْ

ـ هُناكَ الرِّفَاقْ

ـ هُناكَ النِّفَاقْ

واستَدَارَ القَمَرْ

وغابَ المَسَاءْ ..

وأجهَشَ الصَّبَاحُ بِلَونِهِ الشَّاحِبْ:

يقولونَ إنَّ الدموعَ انطِفَاءْ

وإن البَسمَةَ رَفيقُ البُكَاءْ

وأنَّ الأَسَي سَاهِمٌ قَاتِمٌ

وأن الرحيلَ يُطِيلُ البَقَاءْ

(3)

ـ أليسَ هُنَا الغَيمَةٌ الرَّاقِصّة؟!

ـ هناكَ أبي البَسمَةُ اليَابِسَة

وأورَاقَ ذِكرَي

وَذِكرَي غَريبٍ

تَهَدهِدُهُ الشُّعلَةُ اليَائِسَة ..

(4)

ـ لماذا يكونُ هُنَاكَ السَّفَر؟!

ـ لأَنَّ عيوني تُطِيلُ السَّهَرْ . .

وَيَجهَشُ قَلبِيْ

يُدَندِنُ لَيلاً

دُمُوعَ القَمَرْ ..

وَتأخُذُنِي سِنَةٌ مِنْ حَنِينٍ

لِغرفَةِ نَومِيْ ,

لأشياءُ أُخرَيْ

سَرِيري القَدِيمُ

دُمُوعِي الصَّغِيرةُ

وحفنَةُ رملٍ

وشَربَةُ مَاءٍ

وَلَمسَةُ أُمْ

(5)

ابنَتِي عُودِيْ

لا تتأَخَّرِيْ

ينتَظِرُكِ النَّشِيدُ

ورفرفةُ العَلَمْ

تَقِفُ الصلواتُ خاشِعَةً ..

بانتِظَارِكْ

ـ سلامَاً أَبيْ

ـ سلاماً .. سلاماً ..

ولا تَغضَبِيْ

واستَدَارَ الطَّرِيقُ

وَغابَ الرَّفِيقْ ..

وسالَتْ دُمُوعٌ ..

وَغَامَ سَحَابْ

وابتَسَمَ القَمَرْ

فاللهُ يحرسها
بِحُبِّهْ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق