الثلاثاء، مارس 5

المضيئون حباً (شعر أمين العقاب)

أتينا في أيادينا السماء

ونبض قلوبنا حاءٌ وباءُ

نمر على رمال العصر سقيا

فيورق – من تبسمنا – الظماء

أتينا الأرض من نبعٍ بعيدٍ

قلوباً لا تسيء ولا تساء

أتينا نغزل الأيام شهداً

لنغسل مرّ من بالصمت باؤوا

ونعجن من صهيل الريح - درباً

لمن عنا بلا قصدٍ تناءوا

ونمسك ذيل إعصارٍ تمادى

لتهدأ- في مجاريها - الدماء

نهز الأرض إذ نمشى لمجدٍ

فينبع من صدى الخطوات ماء

نفردس جدب أسئلةٍ تلظت

ليلبس حلة الماء العراء

وننمو في جفاف العصر حتى

يردد بوح سقيانا الشتاء

نفك طلاسم المسعى لتسعى

خطًى وقفت وما وقف الرجاء

أتينا نمنح الدنيا فضاءً

إذا ما ضاق بالناس الفضاء

نحاول بالرؤى ترويض عصرٍ

قبيلته الردى والأغبياء

تشيع للخروف لكي يضحى

بإسماعيل فازداد الثغاء

أرحنا الأرض لم نعبر عليها

ثقالاً مثلما عبر الرعاء

وعطَّرنا فضاء الله بوحاً

ملائكةٌ صداه وأنبياء

سبحنا في مدًى ينداح أنساً

جميع المرسلين به تراءوا

مدامعنا إلى الرحمن سارت

فأين يسير بالحمقى الغباء

لبسنا البحر في الصحراء حتى

تآخت بالخطى نارٌ وماء

نقدُ الحرف من ألقٍ ونمضي

أماماً والجهات هنا وراء

وتحتشد الحروف بنا فرادى

ونتعبها فيطربها العناء

ونبسم في ضجيج الدرب حتى

تلين لخطونا ولها حداء

وما الشعراء إلا أغنياتٌ

من الفردوس يعزفها الضياء

همو الدنيا إذا خلعت أساها

وهم للمتعبين بها عزاء

كفى بالأرض حمقاً أن تراها

تعادي المبدعين إذا أضاؤوا

وأن تحني لذي مالٍ وتعوي

إذا ما مر فيها الأصفياء

فلم يبق من الحسنات حسنى

تداوي جرحنا إلا الغناء

وما في مقلة الدنيا جمالٌ

لنا إلا القريض أو النساء

أتينا من دموعٍ باسماتٍ

تنفس من مآقيها البهاء

نخبئ في فؤاد الحرف ضوءاً

ليشرق كلما عبس المساء

ونزرع في دخان العصر دنيا

مغردةً لمن بالحزن جاؤوا

عصا موسى تناسل في رؤانا

سناها منه للبحر انثناء

سحائبنا قصائدنا أطلت

فغرد في الزمان لها اشتهاء

طريق الوحي موحشةٌ بأرضٍ

شياطين ال...عليها أولياء

ذنوب الشاعر الإنسان فيها

قرابين الطغاة إذا أساؤوا

أرى الإبداع معجزةً بأرضٍ

أعز الناس فيها الأشقياء

لذا نلقي هنا الأقلام حزنى

ليكفل مريم الروح البكاء

فتنتفض القصيدة مثل أنثى

تغازل ثم يخنقها الحياء

نقول لها دعينا فالقوافي

ينابيعٌ وأهلوها ظماء

سئمنا الشعر قرعاً في طبولٍ

ممزقةٍ لمن هذا الشقاء

فتسجد سجدتي سهوٍ وتبكي

فتبكي من أساها الكبرياء

نعود إلى مدامعها طيوراً

مغردةً يحف بها الوفاء

لأن الشعر أسمى من كلامٍ

وشاعره يضيء ولا يضاء

جراح المبدعين وإن تلظت

خطًى تعلو فيبتسم الفضاء

مسافة عمرنا حلمٌ جميل

وقاب قصيدةٍ زمنٌ مضاء

أتختنق الدروب بحلم حرفٍ

منابعه إذا غنى حراء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق