الاثنين، فبراير 4

ماذا تبقّى الآنَ منكَ ؟ (شعر عمرو عبد الهادي السيد)



(1)

خذني على مهلٍ لأنكَ شاعرٌ ، وانثرْ على تنورتي
الزرقاءِ شهدَكَ .. أنتَ أغنيةٌ شهيّةْ

خذني بلا حزنٍ لأنكَ شاعرٌ، وادفنْ عيونكَ بينَ
قلبي والقصيدةِ، واقتنِ الأحلامَ
مِن رمشِ الصبيّةْ

(2)
كانتْ تحاولُ أنْ تبررَ ما رأيتُ مِنَ الهزائمِ
سفسطتْ
وأنا أقول لها: "أحبكِ .. ليس تشغلُني الهزائمُ، قبّليني، واقرأي لي ما
تيسّرَ مِن عبيرِكِ ، قدّسي ما نحنُ قيه الآنَ"
قالتْ: "لا تحاولْ أن تراني"

ربما كانتْ تصاحبني لأني فاشلٌ في طيّها، أو
في ممارسةِ الغرامِ على طريقتِها
الغريبةِ، في كتابةِ لفظةٍ في شَعرِها، أو
ربما ... لتقولَ: "إنّا أصدقاءٌ" في المحافلِ
ربما كانتْ تصاحبني على مضددٍ لأنَّ
صديقَها المعشوقَ هاجرَ، أو سيزهدُها ليخدعَ غيرَها مثلا فكررتِ المكيدةَ
ربما كانتْ تصاحبني لأنَّ
حياتَها ملأى بألوانِ
الخريفِ وربما لا شيءَ مما قلتُهُ، كانتْ تصاحبني لتثبتَ
أنها أقوى، وأني جاهلٌ نبضَ
التفاعيلِ النقيّةْ

(3)

كنا على مقهىً نحاولُ
أنْ نحددَ : ما الزنا؟ ما الحبُ؟ ما الأشعارُ؟
- قالت: "لا زنا .. لا حبَّ، والأشعارُ ملقاةٌ على الطرقاتِ"
- "خلّونا نمارسهم .. فنفقهَ "
- قال: "مارستُ الغرامَ وما عَرَفْتُ"
- "الشعر أرقني حياتي ما عرفتُ "
- فأدلفتْ: " مازلتُ أوقنُ لا زنا "
فيطنُ في قلبي الصَدى، ما زلتُ أوقن أنها امرأةٌ ... حقيقيّةْ

(4)

كان اسمُها يُحيِي المساءَ ويصنعُ الناياتِ من طمي السماء، ويستقرُ مع الحمامِ، وآهِ يا قلبَ الضعيف أراكَ لا ترضى الحياةَ، ولا الحياةُ تهادنُ الضعفاءَ، والشعراءُ لم يتقربوا لسوى القصيدةِ لم يبالوا بالنساء أوِ الحشيشِ أو المناصب والشرابِ ليمتطوا وحيَ الطبيعةِ – لا الغثاءَ ولكنِ الشعراءَ أقصدُ - أنتَ تقتقرف المليحةَ، ترتديها سبحةً للفظِ، تـحفرها على سفح القوافي، والقصيدة تستغيثُ لأنكَ الولدُ الوحيدُ المستعدُ لضمِّها، ولأنكَ الولدُ الجديرُ بطهوها. إسكندريةُ قدمتْ لكَ ما تشاء وأنتَ يؤثرك الضلالُ، وتختفي في ظله وتقولُ:
"أنتَ قضيتي يا حُلمُ يا أسطورتي أنتَ القضيّةْ"


(5)

كنا نحاول أنْ نموتَ
- الشعرُ قال: "هي الكتابة سوف تقتلني"
- وقالتْ: "أنتَ تقتلني"
- "وإن الشعرَ قاتليَ المفضل"
كلُّنا قتلى، وكلٌّ قاتلٌ، والقتلُ قد أمسى الضحيّةْ

(6)

كانتْ تحاصرُها الأنوثةُ
بينما
كانتْ تحاصرني المدينةُ
بيننا
صمتٌ يناهضُني وينظرُ في عنادِ
الثائرِ المحشوِّ بالأحقادِ: "شاعرَها .. من الخذلانِ خذْ ما شئتَ وانتظرِ البقيّةْ"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق