أحبيبتي
هل أمْطـَرَتك ِ سَحَابَتِي ؟
تلك التي قد ُأرْضِعَتْ مِنْ نـَهْرِنا عَزفَ المَشـَاعِر ِ
واشتِعَالات ِ الوَترْ
في عَالم ٍ صَار الرَّمَاد ُ هـُويّة ً للشـَّمْس ِ في عَيْن ِ البَشـَرْ
لَمْ يقتف ِالبُعْدُ خُطوْط َ دُرُوبـِنا
لَمْ يَمْتط ِ الحُزن ُ مَلامِح َ عُمْرِنا
ورَحِيقـُنا المَختـُوم ُ بالمِسْك ِ تـُوَزِّعُه ُ فرَاشَات ُ القـَمَرْ
ونـُقـَشـِّرُ الليل َ بفـَجْر ٍ كـَوثـَرِيْ
ونـُقـِيم ُ مَمْلكة ً مِنْ العِشْق ِ المُتـَوَّج ِ بالمُنَي
ونـَصُوغ ُ رَسم َ النـَّار ِ فـَيضـًا مِنْ سَنا
ونـُحَوِّلُ الرَّملَ إذا سِرنـَا قصائدَ مِنْ نبَات ٍ مَرْمَرِيْ
أحبيبتي
قدْ قدّمَتْ أرواحُنا حَبـًّا لأرباب ٍ تبعثرُ حـُبـَّنـا
خُبْزًا ومَاءً للطـُّيُور ِ .. وللشَّجَرْ
سَبْعٌ من السَّنوات ِ كان سِبَاقـُُنا
قطعَ المَسَافة ِ بين ثغرِك ِ والقمرْ
أحبيبتي ، أعيي الفِرَاقَ لقاؤنا
وتـَجَمَّدَ الحُزْنُ كتِمثـَال ٍ مِنْ الشَّمْع ِ المُوَشَّي بالقـَلق ْ
والنَّهْرُ سَرََّح َ كفـَّه ُ فوق النَّخِيل ِ
فأزْهَرَتْ في سُبْحَة ِ الليل ِ عيونٌ مِنْ ألقْ
وإذا بأنفاسي كرِيشَة ِ عَازِف ٍ
صَدَحَت بمُوسِيقي الشُّمُوس ِ علي مَسَارِح َ من شَفق ْ
لسَحَائِب ِ الحُبِّ التي صارت بكأس ِ القلب ِ خمرًا صافيه ْ
لدفاترِ الرمل ِ التي صارتْ غصُونـًا فوقها
أمواج ُ عشق ٍ جَاثيه ْ
فالرِّيحُ تنسِجُ مِنْ خُيُوط ِ الفجر ِ قـُمْصَانَ النـَّدي
فأنا وأنت ِ زَهْرَتـَان توحّدا في أنيه ْ
أحبيبتي ، ما عادت الشمسُ عَرُوسـًا تـُجتـَبَي
فـُضـَّت بَكـَارَتـُها المُرَصَّعَة ُ الذَّهَبْ
واسْتـُبْدِلتْ بعُيُونِك ِ العَذرَاء ِ في وطن ِ السَّنا
أحبيبتي ، ما عُدت ِ أنت ِ إنما عُدت ِ أنا !!
ولتسألي عنا مَرَايا عِشْقِنا ،
هل فرَّقت بين مَلامِح ِ وَجْهِنا ؟!!
هل تذكرين حبيبتي تلكَ النـُّبُوءة َ فِي رُؤيَ العَرَّافـَة ِ ؟
قالت : ستأتينا الفـُصُولُ جَمِيعُهـَـا
بقوافل ِ العِطر ِ .. بأعْرَاس ِ الحَصَاد ِ المُنتظرْ
بعُرُوْش ِ فـَجْر ٍ بَلْ بأشَجَار ٍ مِنْ الكـَرَز ِ الشَّهِيْ
بسَفَائِن ِ الرُّمَّان ِ .. والصَّيف ِ البَهِيْ
وبطائر ِ الرِّيف ِ الذي عشِقَ المَدِينَة َ في الشِّتاءْ
وبلوْحَة ٍ رَسَمَت مَلامِحَهَا السَّمَـاءْ
ببَرَاءَة ِ الأطفَال ِ في حِضْن ِ المِهَادْ
بطفولة ِ الحُبِّ الذي يَزكو عَلي شَجَر ِ الودَادْ
هل تذكرين حبيبتي .. هل تذكرين ؟
وأنا بهَمْزَة ِ وَصْلِنا حَاربتُ آلاف َ الجُمَلْ
ونقشتُ رَسْمَك ِ في الصُّخُور ِ فأيْنَعَتْ ثـَمَرًا تـُغذِّيه ِ القـُبلْ
الآن يا وطني تـَجَمَّعَ شَمْلـُنا
فاعط ِ الإشِارَةَ للجِهَادْ
فلقد عَلتْ كلَّ المَآذن ِ صَرْخَة ٌ
مَنْ ذا الذي قد قصَّ أجنحة َ السَّحَاب ِ ....
فأثمَرَتْ شَجَرُ التمزق ِ .. والرَّمَادْ ؟!!
صارت أكاليلُ الزُّهُور ِ تـُتَوِّجُ المَطرَ العَقِيم ْ !
وتـُقام فوق مَوَائِد ِ الفَجْر ِ الجَلِيل ِ
طـُقُوسُ مَذبَحَة ِ الوَطـَنْ !!
مَنْ يزرعون المِلح َ في جُرْح ٍ ألِيم ْ
هل يَحْصُدُون عَبيدُهُمْ
إلا احْتِرَاق َ الوَجْه ِ مِنْ جَنِّي المِحَنْ ؟!
سَكنَتْ نوافذَنا أزاهيرُ الذُبُولْ
صَدِئَتْ عُيُون ُ الشَّمْس ِ والتَمَعَتْ جَمَاجِم ُ مِنْ ظلامْ !!
هل خانَ عهدَ دِمَائِنا شُرْيَانُنَا ؟!
أم هل تمَادَتْ واسْتـَدَارَت كالأفاعِي حَولـَنا
أصْوَاتُ مَنْ قد أعْلنُوا فِي الحُبِّ سَاعة َ الانتِقـَامْ
وكأنما الليلُ يَجُوسُ بأضْلـُع ٍ ،
صارت شُهُودَ النـَّفِّي في صَدْر ٍ مُبَاح ْ
هل تستعيدُ دُرُوْبُنـَا ضَوءَ المُسَافِر ِ في الرِّيَاحْ ؟
هل نجتني مِنْ نِيلِنا سَمَكَ المَحَبَّة ِ والهَوى
أو ما تبقي في الطـَّحَالب ِ مِنْ أنَاشِيد ِ الصَّبَاح ْ؟!
أحبيبتي ،إني رَفـَعْـتـُك ِ رَاية َ العِصْيَان ِ في وَجْه ِ العيون ِ العَارِيَه ْ
لَنْ نَرْتضِي أنْ تـُسْدَلَ الأسَتارُ .. لا
لا لن تصيرَ عيونـُنا حِبْرًا بمَحْبَرَة ِ الرِّياح ِالسَّافِيات ِ الضَّارِيه ْ
فأصابعي أشْعَلتـُهَا جمـرًا
وحَرَّضْتْ السَّنَابلَ فى الحُقولْ
لا لن يطولَ بقاؤهم في حَلقِنا .. في جِلدِنا
في خبزِنا .. في مَائِنا لا لن يَطـُولْ
فعواطفي كعَواصَف ِ البَحْر ِ .. وصَدْرِيَ كالصُّخـُورْ
إنْ جَفَّ في الشَّمْس ِ الصَّهيلُ ...عَزاؤنا
أزهارُنا ستصيرُ مِئذنـَة ً تـُحَارَبُ بالعُطـُورْ
نحن اعتصَرْنا غيمـَنا نارًا ..
وأوقفنا الرِّياحَ علي تـُخـُوم ِ المقصَله ْ
لا لن نـُسايرَ رَقص َ مَنْ رقصوا علي جُثث ِ السِّنين ِ المُقبله ْ
وجهي دروبٌ لا يُهَادنُ قذفـُها
فهي بُرُوقٌ للبُرُوقْ
وعيونك ِ السُحُبٌ التي دومـًا سيبقى نزفـُها
كي يَغسِلَ الأشجارَ والوطنَ المُخبّأ في العُرُوقْ
لا لن تصيرَ شموسُنـَا وَشْمـًا مُعُلـَّقَ في جِدار ِ الذاكِرَه ْ
للبَحر ِ أصْوَاتُ الغَضَبْ
ولرَمْلِنـَا شَوكُ الزُّهُور ِ الثـَّائِرَه ْ
تلك النـُّدُوبُ علي إهَابيَ بَصْمَة ٌ
تـُلقي ظِلالَ نَوارس ِ البَحر ِ علي جَسَد ِ الصَّحَاريَ والجِبَالْ
يا ( مِصْرُ ) يا مَاءَ القلوب ِ ونبضَها
هذي فـَرَائِدُ شَمْسِنـَا صِيغـْتْ لأعناق ِ الأليَ فعلوا المُحَالْ .
هم عُشْبُ مَيْدَان ٍ تَخَضـَّبَ بالدِّمَا
ليكونَ في كهف ِ التـَّرَائب ِ مِشْعَلا ً
ويكون َ غيثـًا بين أصْلاب ِ الرِّجَالْ
يا ( قدسُنا ) يا قـُبْلة َ الشَّمس ِ التي طـُبِعَتْ علي أرواحِنا
يا وَجْه َ( مَرْيَم َ) .. يا قنَادِيل َ القلوب ِ المُعْتَمَه ْ
خلف السِّيَاج ِ نري سُقـُوط َ الأقنِعَه ْ
وجهـًا فوجهـًا فوق جُدْرَان الخـَنَا
الصَّخْرُ خـُبْزٌ .. والوجَاقُ صُدُورُنـُا
لا يعرفُ الخوفَ الذي ضمَّتْ جوارحُهُ المآذنَ والكنائسَ كلـَّها
فتحوَّلتْ أنفاسُهُ كالطلقةِ الأولى لجنديٍّ شهيدْ
ضمَّ السماءَ بصدره ِ
فأقامت ِ الطيرُ العزاءْ
الرِّيحُ منديلٌ يلملمُ نزفـَهُ
من بعد ِ ما صهلتْ خيولُ الشمس ِ وانشقَّ الرِّداءْ
الآن تنتحرُ النجومُ على جسور ٍ من بكاءْ
الآن يُنبتُ في الثرى زهرًا يتيمـًا
لكنـَّهُ عزَّ عليه ِ الانحناءْ
فأقامَ عُرسًا للشهيد ِ بعد ما
ألقى على جسد ِ الحياة ِ على المدى
ثوبًا مُرصَّعَ كبرياءْ
دمُهُ الكريمُ بسورة ِ النزف ِ ابتدى
يتلو على سمع ِ العروبة ِ ما تيسَّرَ من دماءْ
يخطو على وجه ِ الثرى بعلامة ِ النصر ِ التي قد شـَكـَّلتْ
كالنيل ِ ( دلتا ) قد غدت أشجارُ مئذنة ِ القلوب ِ تزورها
وتدثرا طفلان ِ من عشب ِ الدعاء ِ بغيمة ٍ حمراءَ..
تزجيها رياح ُ الفقد ِ في أنفاس ِ أمٍّ ُأحرقتْ زفراتـُها
حتى إذا نضجتْ عناقيدُ التحدي والمحنْ
تطوي الألمْ
وتقول هل .. هل من مزيدْ؟
يأيها الحلمُ المشردُ بين أنياب ِ الشوارع ِ ..
بين أروقة ِ الوريدْ
اطلقْ رياحَكَ في الرَّماد ِ صواعقـًا
كي تـُستعاد َ برُوحِنا
أو تستعيد َ بَراءة َ الطـِّفل ِالذي
يلهو بعِيدان ِ الثـِّقَاب ِ علي أديم ٍ مِنْ جَلِيدْ
يأيُّها الأملُ المُعلـَّبُ كالحَلِيب ِ الجَاف ِ في عُلَب ٍ نُحَاسْ
لن نحبِسَ الأنفاسَ في صَرخَاتِنا
لكنْ سنُطلقُ شَمْسَنا
تلك التي قد بللتْ شُرُفَات ِ أعْيُنِنا بألوَان ِ الصَّهيلْ
يأيُّها الوطنُ الذي قد حاصرته ُ الرِّيح ُ في مَنفي الغُيومْ
يا مَنْ علي أضْلاعِه ِ نزفتْ شَراييني لَهَبْ !!
يأيها الغضبُ المُوَشَّي بالغضبْ
هل آن للضَّعْف ِ العَمِيق ِ الانسِحابْ
هل آنَ أنْ يرقى بنَا حُلمٌ دَنَا كَمْ كان يَحْتَرفُ الهَرَبْ ؟
صَيفان ِأنسَج ُ من خُيوط ِ الصَّبْر ِ أثواب َ الخَواءْ
صَيْفَان ِ ُأشْعلُ فحْمَة َ الليل ِ بأنفاس ِ الدُّعَاءْ
حُزنان ألْبَسُ تحت جِلدي صَرختين مِنْ العَراءْ
يأيُّها الوطنُ المُرَصِّعُ للسَّمَاءْ
هَلْ آنَ تَخبُزُ مِنْ دقيق ِ الحُلم ِ أرغفة َ الغناءْ ؟
عشرون عامـًا هَاجَ في صَدريْ المَللْ
وسَحَائبٌ تشكو الخللْ
وجزيرة ُ الأسَرار ِ تلفظ ُ سِرَّها
سُفُنـًا مُحَطـَّمَة ً وأنَهارًا ُأصِيبَتْ بالشَّللْ
أحبيبتي ، بيني وبينك ِ ذكرياتٌ في كـُهُوف ٍ مُغلقَهْ
ومدائنٌ صَارتْ صُخُورًا في الهَواء ِ مُعلقه ْ
هَلْ آنَ ننفُضُ مِنْ علي أرواحِنا رَهَجَ المَهَانَة ِ والكـَللْ ؟
تتفَجَّرُ الأحْجَارُ مَاءً صَاعدًا مِنْ أعيُن ٍ
كانتْ رَسَائل َ مُهْمَله ْ
كانتْ كـُهُوْفـًا في وُجُوْه ِ اللاجِئينَ .
وغَابَة ً أشْجَارُها أشْبَاحُ مَنْ غرزوا سِيَاجَ اليُتْم ِ في وَطَن ٍ جنينْ
وَطَن ٍ إذا سَالتْ دِمَاه ُ علي الخَلِيج ِ لأشْعَلَه ْ!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق