الأحد، فبراير 19

اشتباكٌ على حدودِ الذّاكرة (شعر رامي ياسين)

 غبارْ..
هكذا هي طريقٌ محفورةٌ على جسدْ..
وأزرقٌ جسدُ السّماءِ
لا يبدّلُ كالحرباءِ لونه
فالشمسُ تحيكُ المؤامرةَ
ولا تفصح عنها لأحدْ..
وخريفٌ آخرَ في اللعبةِ
كلّما لامسَ نسيمُ الصبحِ في أيلولَ أصابعي
                                     أشتاقكِ..
يجمعنا أيلولُ مرةً أخرى
ودينُ الأسلاكِ الشائكةِ
                       والحدودُ
                      وهذا الترابُ الطريّ يجمعنا
تجمعنا حياة..
والوقتُ شردْ..

أمدّ فرحي جسراً
جسداً  كي يصيركِ
أو تكونيه
وأكونُكِ وجهاً، قُبلةً.. قِبلةً
                        أو لا أحدْ..
طينْ..
هكذا هي أجسادٌ معجونةٌ في طرقٍ للأبدْ..
في الطرقِ صوَرٌ من خَطايا
في الطّرقِ أجسادٌ من حَكايا
ذاك صورةٌ..
جسدٌ عارٍ في طريقِ الأسرِ
يحضنُ أصابَعهُ مبتسماً
ليس بين كفّيه رضيعٌ إنّما
ينبتُ الياسمينُ بين فكّي الزردْ..
للطرق ِلحنٌ في المرايا
في الطرق ِعرسٌ للعرايا
ويمشي بخطواتٍ لا تنتهي

يفرشُ جسدَ العالمِ طرقاً
                     وبندقيةً
                          وسنابلْ
يطاردُ قاتلهُ في كلّ مكانٍ
ليس إرهاباً إنّما
حريةُ أن تضعَ إحدى يديكَ على قرصِ الشمسِ الباردِ
والأخرى في يدِ حبيبتكَ..
                  تمسكانِ بخيطِ طائرةٍ ورقيّةٍ
                                           وصبّارٍ
                                               وقنابلْ..
قليلٌ من هذا الصبّار يكفي
كما فَـتْـقٌ في ذاكَ الشبّاكِ قاتلْ..
كن جسداً حميماً
شبّاكاً ساعةَ فجرٍ
أغنيةً للأطفالِ يحملونَ حقيبةَ حُلمهم
ويفرشونَ السّحابَ زعتراً
                وجليلاً أخضر
يغنّون القدسَ بابلْ..
كن حلمهم
مطراً يا ابن الرعشةِ الأولى
وازرعني في يديكَ قمحاً جوريّاً
وانزع عن شفتيّ غبارَ الياسمين
قتلتني الوحشةُ
ومساماتُ جلدي المعجونة بالعطشْ..
واحترقتْ في غيابكَ جداولْ..
أتعرفْ كم تأخّر الطريقْ
أتعرفين كم تأخّرنا على الطريقْ
قبضةُ الطّريقِ لمن لا يعرفها قاتلة
فلا تكتبْ على جسدِ الهواءِ الملوّنِ رموزاً
لا تعبثْ مع الوضوحِ
لا تجادلْ..
كلّ طريقٍ لها وقتها
هي الطريقُ تأخذكَ حيثُ تشاءُ
                  حين ترسمُ أنتَ أرصفتَها
أو تحاولْ..
فـ قليلٌ من ذاكَ الصبّار يكفي
كما فَـتْـقٌ في هذا الشبّاكِ قاتلْ..
تصفنُ رعشةُ الروحِ في انكساراتِ العتمةِ
على خصلِ شعرٍ أنّبتها الأنامل..
ومزاج الخدين يتعكّرْ..
ترعبني لسعة الرغبة في عينيكَ
ووهمُ الطريقِ أكثرْ..
ليست يداكَ أرصفةً لقلبي المتعبِ
                             عرفتُ
وليسَ في قلبِ الطّريق متّسعٌ لتنامَ فيه غجريةٌ
بصقتها كلّ حدود الدنيا
فـ لم التولّع أكبرْ..
ولم هذا التشبّث الحيّ بأجسادِ الأحرف
ما دامَ الأصبعُ ذو القرنين منصوبٌ
والضّوءُ الأمريكيّ أخضرْ!
أخذني بكاءُ الناّيات إلى فرحٍ لا أعرفه
افترشتُ الأرضَ جسداً
وصفنتُ في النجومِ
كلّ النجوم
فأخفاني في ظلّه القمرْ..
كوّمَ جسدهُ قطعةَ جليدٍ
يدحرجُ حبّاتَ مطرٍ تغسلُ غبارَ الذّاكرة
صفنَ بإلهِ الأبوابِ
لمَ تغلقُ باباً خلقتَهُ
كيف للطريق أن ترتسم بلا ممحاة أحملها
وكيف الغناء..
ابعثِ لأصابعي الدهشة
تخافين اللذة ؟
تنفّسِ بالأزرق الواضح
ظلّلِ أرصفةَ المسافةِ بين عينينا
لن يمنحَ الدفءَ من يرمي ظلّه في العراءْ..
أخافُ الوقوعَ في الخمريّ الملوّثِ
وانعكاسُ مرايا الطّريقِ على قاماتِنا مبهمٌ
من لوّثَ الخمريّ بطهارةِ الطريق
أيّ عبثٍ حكيمٍ جسداً
لا يدركُ أنّ أمواجَ المتوسّطِ سلسلةً بيضاءَ
تنفك متسخة
كوّمْ جسدكَ يا ابن الجليدِ
أو ذُبْ جبلاً
جسدٌ لا تقوى دمعةٌ أن تذيبَ جفنه
لن تبتلّ شفتيه بضحكةِ بكاءٍ أبديّة
وأنتَ.. الامَ تنظر؟
ماذا نسيت خلفكَ؟
أي ذاكرة تغريك
وتمشي بها الى ماضٍ
ماضيكَ؟
وفي عينيك مطرٌ لا يهطل أيها المسافر في القحل
                                            والورد اليابس
إلى أين يا ابن الهزائم تحمل عكّاز الأيام وترحل؟
ألم تتذوق لذة الأسلاكِ الشائكةِ؟
ما اقتحمت ساعةَ فجرٍ ليل بيسانَ
وسطوتَ على نسيم الصّبح
وجعلتَ الشّمسَ محضُ أرملة؟
الى أين؟
هذا الصبّار لم يجفّ بعد
ولم يمت حنظلة..
ليس كما تشاء يا ابن النّكبتين
وحداد الدهشة الأولى
ألم تمسك رائحة الضوء يوما؟
ألم تحمل سكينك وصرختَ بما تشيرهُ البوصلة؟
فيما تصفن يا ابن الأقزام الأربعة والقبّعة
لن يرسم طفلكَ هذا دموعه بعد اليوم
لن يسألكَ مثل أخيه
بنظرة بليدة حائرة..
إلى أين؟
لن يمشي خلفكَ
ما عاد من تضعه على كتفيكَ
تدندنُ له لحنَ أخبار العاشرة..
في عينيه حقدٌ لن تشفيه "المرحلة"..
"مرحلة" جذر الكلمات الرديئة
جذر السياسةِ العاهرة..
هذا ليس مطرٌ
ولا جوعٌ بالعراق كما ادّعى السيّابْ..
هذا كفرٌ بالطّريقِ
أعد خطوطَ يديك الى مكانها
احفظ سلاحكَ من الكفر
وإن تابْ..
عفنْ..
هكذا هي أجسادٌ مزروعةٌ في قاعِ المدينةِ
ينتظرون وينظّرون
يحللّون كيف تحوّل الظرف مع ثبات الزمن..
وأنت تختلفُ
ليس في ذاتك ظلّ يعبر فيكَ..
فاخرج من حلمكَ أيّها المسكون بالشعاراتِ والأوهامِ
والسياسةِ الكاذبة..
اخرج من عالمكَ إلى عالمكَ
اصرخ بجوعكَ
اكفر بالمراحل المتعاقبة..
ألفُ طريقٍ للطريقِ
ألفُ طريقٍ في الطّريقِ
وكذلك الأرصفة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق