الثلاثاء، مارس 22

قبلة ولوحة ورسام (تأليف جيلان صلاح الدين سلمان)

سألني :
" أَلا تُصَلِّين ؟ "
فأجبت :
" بَل أُدْلِي بِكَأْسِي
في طَوَاحِينِ الهَوَاءْ "
سَأَلَنِي :
" أَيهُمَا أَجْمَلْ ؟
أَنْ أَكُونَ فَارِسِاَ
أو أَرْسُمَ الأَحْلاَم فَرَسَاً هَائِجَاً ؟ "
قُلْتُ :
" بَلْ البَلُّورُ في عَينَيكِ يَسْطَعُ كَالبَهَاءْ...
كَلِيلَةِ عُرْسِ المَسَاءْ "
سَأَلَنِي و هو يُقَطِّبُ :
" هَلْ تَظُنِين أَنّْ خَوفِي مِنَ الجَلِيدْ
صُدْفَةٌ حَائِرَةٌ
أَمْ بَادِرَةٌ
نَحْوَ التَحَرُرِ من جُمُودِ اللَيلِ و صَيبْ النَهَارْ ؟ "
فَرَحَلْتُ فِي عَينَيه مِنْ خَلْفِ الجِدَارْ
إلَى عُمْقِ البِحَارْ
حَيثُ غَرَّدَتْ الكَابُورَيا
ثُمَّ نَامَتْ مُسْتَكِينَةْ
عَلَى هِلْبْ السَفِينَةْ...
رَفَعَ فُرْشَاتِهِ و حَدَّدَ
 طُولَ جَسَدِي
عَرْضَ صَدْرِي
 مُحِيط خَصْرِي
و قُطْرَ قَلْبِي...
انْتَهَزْتُ الفُرْصَةَ و تَحَلَلْتُ مِنْ عُهْرِي و جَهْلِي
واسْتَرْسَلَ شَعْرِي ، وذابَ أَمَلِي
فِي أَصَابِعِهِ الطَوِيلَةِ...الكَبِيرِةِ
إذْ تَضْغَطُ عَلَى مَنْزِلِ نَهْدَي
ومَنْزَلَ رَأْسِي
لِئَلا تَقَعُ أَحْلامِي وهَمْسِي
مِنْ عَلَى سَطْحِ البْرَانْدِي...
سَأَلَنِي و هَو يُحِيلْ العَينْ عَنْ مَرْبَطِ طُهْرِي :
" أَينَ كُنْتِ
يَومَ تَاه التَائِهُونَ
ونَامَ البَاحِثُونَ
عَنْ لُقْمَةِ العَيشِ عَلَى الأَرْصِفَةِ ؟ "
لَمْ أُجِبْ ...
بَلْ انْبَثَقَ مِنِّي كِتَابُ الزَاحِفَةْ إِلَى الحَقِيقَةِ
وانْتَشَيتُ بِالطَرِيقَةِ
الَتِي يَرْفَعُ حَاجَبَهُ بها
إلَى صَمْتِ السَمَاءِ ...
أَلْقَى فُرْشَاتَهُ فَوقَ الرُخَامِ
ودَفَنَ رَأْسَهُ فِي الزِحَامِ
أقْسَمْتُ ألا أَرْحَلَ حَتَى أقْتَحِمَ حُصُونَهُ المُغْلَقَةْ
بألْفِ مِفْتَاحٍ و مِطْرَقَةْ ...
لَكِنَهُ لَمْ يَستَطِعْ
أَنْ يُكْمِلَ اللَوحَةَ الحَزِينَةَ كَمَا بَدَأ ...
سَأَلْتُهُ :
" إلَى أينَ تَذْهَبْ ؟ "
فقال :
إنَّ العُمْرَ ضَاعَ                          
وَرَاءَ أَطْنَانِ المَاجِينْتَا و التُرَابْ ...
سَأَلْتُهُ :
"أَلَنْ تَصُونَ لَوحَتَكْ مِنَ الخَرَابْ
 و تَمْحُو أَطْنَانَ الذُبَابِ
المُسْتَتِبِ عِنْدَ أَعْتَابِ الحَقِيقَةِ ؟ "
 لَمْ يُجِبْ
 فَحَمَلْتُ وَجْهَهُ بَينَ كَفِي
و قَبَّلَ مَا بَيِنَ عَينِي
 وانْسَدَلَ الرَحِيقُ مِنْ شَفَتِي إلَى أَهْدَابِهِ ...
 نَظَرَ إلِّى
و لاحَتْ بَسْمَتُهُ
 ثُمَّ اخْتَفَتْ
 تَصَاعَدَتْ أَجْرَاسُ قَلْبِي
 نِدَاءَاتُ المَآذِنِ فَوقَ طَوقِ النَصْرِ
 فِي قَلْبِ المَدِينَةِ الذَهَبِيةِ ...
سَأَلَنِي :
"أَتَرْقُصِينَ فَوقَ رَأْسِي بَعَدَ قَطْعِهَا ؟"
 فَوَسَدُّتُ رَأْسَهُ بَينَ ثَدْيِّي
و َغْمَضُّتُ عَينَّي
ثُمَّ ابْتَسَمْتُ
وأَسْلَمْتُ الجَسَدْ ...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق