الاثنين، أبريل 8

ميمية الأسير (شعر حسن عبد الخالق السيد منصور)

ضمّدْ قُيودَكَ بالجروحِ ليَعْلموا

أنَّ القيودَ هيَ التي تتَـألَّمُ

ظنّوا بأنَّكَ واهِنٌ في قَيْدِهمْ

لا يُوهِنُ المتَعاظِمَ المُتَهشِّمُ

يا سيِّدَ الأحْرارِ أنْتَ وإنَّهمْ

قَدَروكَ مَنْ عاشوا لكيْ يتَرحّموا

عَلّمتهمْ دَرْساً جديداً في الحياةِ

وقلّما يُصْغي لِدَرْسٍ هائِمُ

فقدِ انْحنى ظَهْرُ الزَمانِ وظِلِّهِ

وابْيَضَّ شَعْرُ الأرض وَهْيَ تُعَلِمُ

لكنَّني أبْصَرْتُ وجْهَكَ يافِعاً

ورأيْتُ ظَهْرَكَ شامِخاً لا يَهْرمُ

***

جاؤوا بآنيةِ الطَّعامِ و ذُلّهم

قالوا هَلُمَّ .. فقُلْتَ إني صائمُ

يا صَائِماً للهِ درُّكَ إذْ ترى

موْتاً وقصْعَتُهمْ تَقِيهِ فتُحْجِمُ

عزَلوا فُؤادَكَ عنْكَ في زِنْزانَةٍ

ظنّاً بهمْ أنَّ الفؤادَ يُساوَمُ

واستْيْقنَوا بعَذابِهمْ وسِياطِهمْ

أنَّ الفؤادَ لِدينِهمْ سَيُسَلِّمُ

لكِنَّهمْ لَمْ يعْرِفوا أنَّ الكرامةَ حفْظُها

أصْلٌ وفيهِ تُقَوَّمُ

وليعْلَموا أنَّا لأجلِ بلادِنـا

نَئِدُ النفوسَ وما اشْتَهتْهُ نُقَزّمُ

وجَبَ الحِدادُ معَ الأسيرِ بجوعِهِ

ومَنِ اشتهى أكْلَ الشَّهيِّ لآثمُ

إنَّ الذي يحْيا بِدونِ كرامةٍ

يعْرى ويَشْقى في الأنامِ ويُشْتَمُ

***

كُنَّا مُلوكاً في النِّزالِ وأيْنما

نَزَلتْ فيالِقُنا بأرْضٍ تَغْنَمُ

كُنا أولي طَوْلٍ بميزانِ الورى

ولقِسْطِه كانَوا لَنا يَتظلَّموا

لكنَّنا تِهْنا كثيراً في أزِقْقَتِنا

وصِرْنا في الخِبا نتَلاوَمُ

فإلى متى هذا الخِلافُ برِجْسِهِ

حسْبي مِنَ الإخوانِ أنْ يتَفَهَّموا

حتى يعودَ الصوْلجانُ لمَهْدهِ

ويعودَ تأجُ الأوّلينَ ليَعْلموا

أنّا بِها مُذْ خُلِّقَتْ أوْ أقْدَمُ

والأرْضُ نَفْسُ الأرْضِ مهما قسّموا

***

يا أيها السّجانُ إنَّكَ بائدٌ

سَلْ مَنْ مَضوا كانتْ عُراهمْ أحْكَمُ

لكنَّها ضلَّتْ قواربهمْ هنا

وعلى شواطِئنا جميعاً سلّموا

إنا بأرضٍ تحْمِلُ الأنثى بها

حجَراً وطِفْلاً في البَلاءِ تَقاسَموا

منْ رَامَ في قَعْرِ البِحارِ لآلئً

قاسى بأعْماقٍ دُجاها يَعْظُمُ

ستظلُّ أيْدينا بِرغْمِ جِراحِها

لمخارزِ المسْتعْمِرينَ تُلاطِمُ

في ساعةٍ حكَمَ الزمانُ لأجْلهمْ

ولأجْلنا حَكَمَ الإلهُ الأعْظَمُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق